معظمنا يتذكر المسلسل الرائع “ضمير أبله حكمت”، قصة الكاتب المبدع أسامة أنور عكاشة، وهو أول مسلسل قامت ببطولته سيدة الشاشة العربية الفنانة فاتن حمامة التي جسدت فيه دور” أبله حكمت” ناظرة مدرسة للبنات تحاول تحقيق حلمها في قيام المدرسة بوظيفتها الأساسية في التربية وغرس القيم الجميلة والأخلاق الحميدة قبل التعليم.
المسلسل رائع شكلا ومضمونا ومن أيام الزمن الجميل حينما كان لدينا دراما حقيقية تعبر عن مشاكل المجتمع وترقي بالآداب والذوق العام، كنت أظن أن نموذج أبله حكمت انتهى من حياتنا تماما، وأنه لم يعد لدينا مدارس لها تأثير في حياة طلابنا على اعتبار أن العلاقة بين الطلاب والمدرسين أصبحت تجارية بحته، إلى أن فوجئت بعدد كبير من أولياء الأمور يطلبون مساعدتي لإلحاق أبنائهم في مدرسة طلخا الرسمية المتميزة للغات(2) بمحافظة الدقهلية، رغم أن بعضهم لديه القدرة المادية على إلحاق أطفاله بالمدارس الخاصة والدولية، بل بعض المواطنين العائدين من الخارج يفضلون لأبنائهم هذه المدرسة وهناك من يرغب في نقل أبنائه إليها من المدارس الأخرى مما جعلني شغوفا لمعرفة السبب ولماذا هذه المدرسة بالذات؟.
حينما سألت من أثق فيهم قالوا لي مس” بنان” !! من هي مس” بنان”!؟.. قالوا أبله” بنان أفلاطون” مديرة المدرسة هي كلمة السر في السمعة الطيبة التى وصلت إليها المدرسة، حيث استطاعت في فترة قصيرة، الاستحواذ على حب واحترام الجميع، كما تتمتع المدرسة بمستوى عال من الانضباط والنظافة والتجميل وحديقتها في منتهى الأناقة، وتتضمن أنواع كثيرة من الأشجار والورود الجميلة وأيضا ملاهي وملاعب، وبجانب تدريس المناهج فإن الطلاب يمارسون فيها كل الأنشطة الفنية والرياضية بل ويتعلمون الخياطة والزراعة والموسيقى والغناء، والأهم من كل هذا أن الطلاب ومن جميع الأعمار يعشقون مدرستهم بكل ما فيها وتعتبرهم مس”بنان”كلهم أولادها.
المستوى العلمي للمدرسة متميز ويحتل مرتبة متقدمة، متفوقة على مدراس رسومها بعشرات الآلاف وبالعملة العصبة، باختصار هى نموذج لصورة مدارسنا أيام الزمن الجميل.
ضمير أبله بنان لا يقبل الواسطة والمحسوبية وتطبق القانون على الجميع، وحققت المعادلة الصعبة في تقديم خدمة تعليمية متميزة بنفقات رمزية من خلال مدرسة حكومية في أقصى ريف مصر وأيضا جعلت الطلاب يحبون مدرستهم الجميلة النظيفة.
أبله “بنان أفلاطون” أكدت أيضا أن أزمتنا في الإدارة لذلك أتمنى من وزير التربية والتعليم تكريمها والاستفادة من تجربتها، ومؤكد لدينا الكثير من أمثالها يجب أن يأخذوا فرصتهم في إدارة المدارس حتى يعود إليها طلابنا ويهجروا مراكز الدروس الخصوصية التي تدمر البيوت المصرية وتقضي على ما تبقى من قيم وأخلاق.. واللهم احفظ مصر