“الأرض المقدسة”.. عبر منها الأنبياء وكانت مهداً للرسالات
قريباً في سانت كاترين.. “التجلي الأعظم” أهم مناطق السياحة الدينية في العالم
على “أرض الفيروز” واحة للاستشفاء والملاذ الآمن للسباقات والمهرجانات والمؤتمرات العالمية أيضاً
مرحبا بك عزيزي القارئ في تلك البقعة الغالية الطاهرة، والتي مجرد أن تطأ قدماك أرضها، تشعر بالفعل أن في بقعة مقدسة، مباركة، كرمها الله سبحانه وتعالي، وذكرها في كتابه العزيز، وحباها من المميزات التي لم ينعم على أرض بمثلها، سواء تعلق الأمر بقيمتها الدينية، حيث عبر منها الأنبياء، وكانت مهداً للرسالات، أو بأجوائها وطبيعتها المختلفة، او بتاريخها العريق، او حتى معالم الجذب بها والتي لا مثيل لها في العالم.. انها شبه جزيرة سيناء.
وربما قيمة تلك الأرض الغالية، ندركها جيداً نحن المصريين، حيث كانت على مر التاريخ مطمعاً للغزاة، ومقبرة لهم في آن واحد.. ولما لا؟! فبخلاف معالم الجذب وقيمتها التاريخية والدينية، لكنها أيضاً بوابة مصر الشرقية، والتي تفصل بين قارتي من قارات العالم القديم “آسيا” و ” أفريقيا”، ومعبراً للحضارات.
لعبت سيناء دوراً هاماً في تاريخ مصر فقد كانت طريقاً للجيوش وأرضاً للمعارك وعلى ترابها سالت دماء لأولئك اللذين كانوا يحرسون مصر، وتعد شبه جزيرة سيناء المورد الأول للثروة المعدنية في مصر, حيث يتدفق من أطرافها الغربية البترول ومن شرقها النحاس والفوسفات والحديد والفحم، ويوجد في جنوب سيناء الكثير من الخامات التي تستخدم في الصناعات المختلفة مثل: الجبس والرمل والزجاج، كما تلقب بأرض الفيروز لجمالها واصالتها وعروبتها وتتميز بوفرة خيراتها وكثرة ثرواتها.
توجد بسيناء عدد كبير من معالم الجذب السياحي، والتي يقصدها الزائرين من كافة أنحاء العالم، حيث تعد منطقة هامة للسياحة الدينية، والعلاجية، والترفيه، كذلك تعد من المناطق الاستثمارية الواعدة في مصر، في عدد كبير من المجالات.
السياحة الدينية في سيناء
أنعم الله على سيناء، بأن باركها وذكرها في كتبه السماوية، وهي الأرض التي مر بها وعاش فيها عدد من أنبياء الله، حيث سار عليها إبراهيم عليه السلام قاصداً مصر التي أقام فيها عاماً ثم عاد من خلالها مع زوجته سارة، كما عبرها يوسف بن يعقوب عليهما السلام بعدما تركه اخوته فقدر الله له منزلة عظيمة في مصر فيما بعد.
واتجه اليها أيضاً نبي الله موسى عليه السلام، حيث عاش هناك وتزوج ابنة نبي الله شعيب عليه السلام في مدين وعلى جبالها شرف الله تعالى موسى بأن كلمه بالوادي المقدس طوى تكليما، وتلقى الوصايا، حتى مات وأخيه هارون على أرضها، كذلك مرت منها العائلة المقدسة السيدة العذراء والسيد المسيح طفلاً عليهما السلام، إلى مصر ثم عادت رحلة العائلة المقدسة بعد ذلك إلى فلسطين عبر سيناء أيضا.
تتركز السياحة الدينية في سيناء في منطقتي سانت كاترين ووادي فيران بصفة أساسية حيث يقصدها السائحين سنوياً من شتى أنحاء العالم، لزيارة المواقع السياحية في سانت كاترين وأبرزها:
جبل موسى
توجد في أعلى قمته كنيسة صغيرة وجامع، ويحرص السائحون على تسلق الجبل عقب منتصف الليل ليصلوا قمته قبيل شروق الشمس، ورغم مشقة الرحلة وصعوبة تسلق الجبل ثم 750 درجاً من الصخر في قمته إلا أن منظر الشروق في تلك البقعة متعة تستحق كل مشقة حيث تبدو قمم الجبال المحيطة وكأنها قد اكتست بلون أحمر مع بزوغ الشمس.
دير سانت كاترين
يستقبل الدير يومياً الكثير من السياح، لزيارة معالمه مثل الكنيسة الكبرى وكنيسة العليقة والمسجد الفاطمي، ومكتبة الدير ومئات المعالم الفريدة التي يضمها إضافة إلى الفسيفساء التي لا يوجد لها مثيل في العالم.
قبرا النبي صالح وهارون
يوجد على مدخل مدينة سانت كاترين، قبر النبي صالح وقبر هارون وهما من المزارات الدينية السياحية الهامة والتي يقصدها الكثيرين.
دير البنات
يعتبر دير البنات بمنطقة وادي فيران في جنوب سيناء، أسطورة الحب المفقود وواحة الهدوء التي لجأت إليه راهبات اوروبا للتعبد فهو يقع في واحة للنخيل في جبل البنات بوادي فيران علي بعد ٤٠ كيلو متر من سانت كاترين، وقد بنى الدير في نفس توقيت بناء دير سانت كاترين، حيث كانت واحة فيران مركزاً رئيسياً للرهبان المسيحيين في سيناء.
مجمع البحرين
من المقدسات التاريخية في سيناء مجمع البحرين، ففي سورة الكهف تم ذكر مكان مجمع البحرين في رحلة سيدنا الخضر والنبي موسى عليه السلام، وأكدت الدراسات أن هذا الموقع يقع في منطقة رأس محمد بشرم الشيخ عند نقطة التقاء خليج العقبة وخليج جنوب سيناء، كما كشفت الدراسات عن موقع صخرة الحوت التي تمثل نقطة الالتقاء بين نبي الله موسى والرجل الصالح “الخضر”، لإنها الصخرة الوحيدة في منتصف مدخل رأس محمد.
قريباً.. مشروع التجلي الأعظم
مؤخراً أعلنت الحكومة عن مشروعاً قومياً، باسم “التجلي الأعظم”، والمقرر اقامته بأكثر الأماكن قدسية في مدينة كاترين، بحيث يكون مشروع سياحي في سيناء يجمع الديانات الثلاث، خاصة أن منطقة سانت كاترين تحتوي على معالم دينية مهمة حيث كلم فيها الله تعالى سيدنا موسى عليه السلام في منطقة الوادي المقدس بطور سيناء، إلى جانب دير سانت كاترين وأهميته الدينية، كمعلم سياحي فريد، كما يهدف المشروع إلى تسويق مدينة سانت كاترين، على الخريطة العالمية، كوجهة للسياحة الدينية الروحانية، والاستشفاء أيضاً، كونها ملتقى للديانات السماوية الثلاث، الأمر الذي يكسبها الطابع الديني والأثري والبيئي معا.
السياحة العلاجية في سيناء
توجد في سيناء العديد من مقومات السياحة العلاجية خاصة عيون المياه التي تساعد على الاستشفاء من العديد من الأمراض وكذلك الرمال الساخنة الناعمة في عديد من المناطق، وهي ذات فائدة كبيرة في علاج أمراض الروماتيزم كذلك تشتهر محافظة جنوب سيناء بوجود العديد من الأعشاب المفيدة في علاج أمراض عديدة ويقبل عليها السياح خاصة في إطار الاتجاه العالمي للتخفيف من استخدام الأدوية الكيماوية والعودة إلى العلاج بالأعشاب وأهم عناصر السياحة العلاجية في سيناء:
حمام فرعون
يقع حمام فرعون على بعد نحو مائة كيلو متر من شاطئ قناة السويس وهو عبارة عن 15 عيناً تتدفق منها المياه الساخنة ويملأ البخار المتصاعد منها أنحاء المغارة المنحوتة في الجبل أعلى شاطئ البحر حيث تبلغ درجة حرارة المياه ما بين 55-75 درجة مئوية، والتي تستخدم في شفاء العديد من أمراض الصدر والجلد وبعض أمراض العيون.
حمام موسى
يقع حمام موسى شمال مدينة الطور بنحو ثلاثة كيلو مترات وتتدفق مياه الحمام من خمس عيون تصب في حمام على شكل حوض محاط بمبنى وتستخدم هذه المياه الكبريتية الساخنة (37 درجة مئوية) في شفاء العديد من أمراض الروماتيزم والأمراض الجلدية.
عيون موسى:
تقع عيون موسى على بعد نحو 60 كم جنوبي نفق الشهيد أحمد حمدي، وبالإضافة الى جمال الطبيعة حولها، للها فوائد صحية عديدة حيث تعالج بعض الأمراض الجلدية والروماتيزم وتفيد أيضا الجهاز الهضمي.
السفاري والمغامرات في سيناء
التكوين الجغرافي لسيناء ساعد على انتشار نمط متميز من السياحة هو سياحة السفاري والمغامرات عبر صحاري ودروب ووديان سيناء، وتتنوع مسارات وأهداف هذه البرامج من سياحة السفاري فبعضها يتجه إلى السلاسل الجبلية الخلابة وأشهرها جبال منطقة سانت كاترين، أما أشهر الجبال التي تجذب هذا النوع من السياحة فهو ما يسمى بـ “الاخدود الملون”، وهي جبال تحيط بها ممرات فريدة تسمح للسياح بالمرور ومغامرة التسلق، كما تتميز بألوان صخورها الزاهية والمتعددة وتكويناتها المثيرة.
سياحة السباقات والمهرجانات بجنوب بسيناء
تشتهر سيناء بمهرجانات وسباقات الهجن فهي رياضة بدوية خالصة تشهد اقبالاً هائلاً من المشاركين والسياح وتتناسب مع عادات واهتمامات البدويين أبناء سيناء ويرتبط بهذا السباق كرنفالات فولكلورية واسعة للأزياء والعادات والتقاليد والفنون الشعبية ويعقد بشكل منتظم سباق محلي وعالمي للهجن في جنوب سيناء، كذلك تناسب ممرات سيناء مع سباقات السيارات بمختلف مسافاتها وأنواعها وكذلك سباقات الدراجات الدولية التي تنظم غالباً في مناطق جنوب سيناء.
سياحة المؤتمرات بجنوب بسيناء
ازدهر في سيناء وتحديداً في مدينة شرم الشيخ، نمط سياحة المؤتمرات، حيث يساهم اعتدال المناخ وتوفر المرافق والاتصالات الحديثة والمطار الدولي والقاعات المجهزة في الفنادق الكبرى وغيرها، إضافة إلى أماكن الاستضافة الكافية واللائقة على تشجيع عقد العديد من المؤتمرات السياسية والعلمية والمتخصصة وغيرها، ذلك بالإضافة الى كونها منتجع سياحي يوفر مناخاً ملائماً لمثل هذه المؤتمرات كما يتيح الفرصة لأعضائه للقيام بجولات سياحية بعيداً عن زخم المدن الكبرى لذلك تشهد مدينة شرم الشيخ العديد من هذه المؤتمرات والتي يحضرها زعماء ورؤساء الدول في العالم، ولعل أخرها مؤتمر قمة المناخ COP27، والي استضافته مصر في شرم الشيخ.
السياحة العلمية بجنوب بسيناء
تتمتع سيناء بالعديد من مقومات السياحة العلمية والبحثية التي تشمل دراسات البيئة النباتية والحيوانية، خاصة بمناطق محمية سانت كاترين ومحمية رأس محمد وكذلك دراسة حركة الطيور وهجراتها العالمية في منطقة رأس محمد وتعتبر هذه المناطق ذات امكانات سياحية خاصة لهواة المياه البرية أو البحرية.
شمال سيناء ومناطق الجذب السياحي
ولم تكن شمال سيناء أيضاً بعيدة عن مناطق الجذب السياحي، حيث تتمتع بالعديد من المقومات السياحية المتنوعة حيث تتميز بالطبيعة الصحراوية والشواطئ الخلابة الممتدة على البحر المتوسط والذي يجعلها تنفرد بمناخ متميز، وتنتشر بها الكثير من المعالم ذات القيمة التاريخية، والدينية، والمقومات البيئية الطبيعية، وهو ما يميزها بالأنماط السياحية المختلفة.
السياحة الشاطئية
تتمتع المحافظة بالعديد من الشواطئ التي تمتد بطول 220 كم على ساحل البحر المتوسط، وتتميز شواطئها بالهدوء والرمال الناعمة والمناظر الطبيعية الخلابة، ومن أهم الشواطئ بها: النخيل والمساعيد والريسة والميدان ورفح والشيخ زويد وبالوظة ورمانة والرواق.
المناطق والمعالم الأثرية
من أبرز المناطق الأثرية بها متحف التراث السيناوى، ومنطقة آثار الفرما، ومدينة الفرما الأثرية والتي تعد أحد أهم المدن التاريخية بها والتي شهدت ازدهاراً كبيراً في العصر اليوناني الروماني، ومتحف العريش القومي للآثار، وقلعة نخل، وقلعة الغوري، وقلعة السلطان سليمان القانوني.
كما يوجد بها مجموعة الطرق التاريخية منها طريق حورس الحربي الذي أقام عليه ملوك مصر العظماء قلاعاً وحصوناً لمد الجيوش بالمؤن والعتاد، وطريق العائلة المقدسة، وطريق الفتح الإسلامي، بالإضافة الى أنه يوجد بها عدد من التلال الأثرية مثل تل الخروبة، وتل الحبوة، وتل قصرويت، وتل الحير، وتل الفرما وغيرهم.
الأنشطة البيئية والمحميات الطبيعية
يوجد بالمحافظة العديد من الأنشطة البيئية وعدد من المحميات الطبيعية منها محمية الأحراش، ومحمية الزرانيق والتي تعتبر إحدى المحطات الرئيسية الهامة لهجرة الطيور من وسط وشرق أوروبا في طريقها الى وسط شرق افريقيا وتتميز بوجود أنواع مختلفة من النباتات والأعشاب الرعوية والطبيعية، كذلك تتميز المحافظة بالحرف اليدوية، وسباقات الهجن، والأكلات الشعبية والفلكلور الشعبي.