الزراعة ليست مهنة تقليدية يتوارثها الأبناء عن الآباء فحسب، بل هي مهنة اقتصادية واستثمارية بامتياز، وعلى قدر علمك وخبرتك تحصد خيرها، شأنها في ذلك شأن المهن الأخرى، فالمزارع التقليدي الذي يسير بنمط يرفض تغييره وثقافة جامدة رافضة للتغيير والتطوير، لا يمكن أن يحقق مكاسب كغيره ممن يلتزمون بالأسس العلمية والمنهجية في التطبيق.
صحيح أن بعض العوامل المناخية غير المواتية للحالة الفسيولوجية للنبات قد تؤثر بالسلب على تلك المكاسب وتحولها إلى خسائر، وصحيح أيضا أن تلك العوامل لها تنبؤات تسبقها وطرق علمية للتعامل معها فتقل الخسائر بل أحيانا تتحول الى مكاسب إذا ما أحسن إدارتها.
من هنا يكون لزاماً على الإدارة الزراعية مواكبة تطورات العصر في كافة المجالات ذات الصلة، ولعل أهمها التغيرات المناخية، بل أن الأمر لم يعد مقتصراً على الادارة الزراعية فقط، بل امتد الى الإدارة السياسية وذلك لارتباط المتغير المناخي بمدى توفر الغذاء والدواء والكساء للإنسان الذي هو عصب الحياة.
وهو ما شاهدناه من اهتمام دولي على المستوى السياسي، وما نتج عنه من عقد قمة دولية للمناخ وتبادل للمعلومات والخبرات وفتح آفاق جديدة للتعامل مع ملف مصيري يتحدد بقدر الاهتمام به مصير الحياة.. نعم مصير الحياة مرتبط بالتغيرات المناخية، وقد يطرأ على الذهن بعض الأسئلة وأرى أن أهمها: وماذا نحن فاعلون؟!.. هل لدينا معلومات حول المستقبل؟!.. هل نمتلك قدر من الوعى للاعتراف بأننا مقبلين على كارثة إذ لم نستطيع إدارة الملف بشكل علمي؟!.
فالأمر لم يعد يحتمل الترف العلمي والبحث الأكاديمي وتبادل النظريات، وادعاء البطولات العلمية في أروقة البحث العلمي، التي نقدر قيمتها ودورها.. الأمر يحتاج إلى أفعال ملموسة على أرض الواقع يشعر بها المزارع، وإن لزم الأمر تفرض عليه فرضا ًبحكم قانون أو لوائح خاصة تتضمن في طياتها الثواب والعقاب.
وللإجابة على ما سبق طرحه من تساؤلات يسبقه بالضرورة إعادة ترتيب الأولويات، أولويات استخدام المياه والتركيب المحصولي، وتحديد دورة زراعية إذا لزم الأمر وأولويات تبنى ودعم التوسع في زراعة المحاصيل الاستراتيجية محاصيل الاعلاف والمحاصيل التصديرية، أولويات اعادة النظر في البنيان التعاوني الزراعي وهيكلته.