تواجه الكرة الأرضية أزمة بيئية غير مسبوقة تتمثل في التغير المناخي الناجم عن الاحتباس الحراري، ويعمل الاحتباس الحراري الذي يسببه الإنسان إلى التغير المستمر في دراجات الحرارة والذي يؤثر على سلامة النظم البيئية بالكامل البحرية والأرضية.
ويمكن للغابات الشجرية أن تلعب دوراً محورياً للتصدي للانبعاثات الحرارية والكربونية لقدرتها الهائلة على امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون وتحويله إلى اكسجين من خلال عملية التمثيل الضوئي، ولذلك يطلق على غابات الامازون “رئة الأرض” وهي أكبر الغابات المطرية على سطح الأرض.
وقد سعت الدولة المصرية خلال السنوات الاخيرة، إلى تحويل مسارها نحو التحول إلى الأخضر وذلك من خلال إقامة المشروعات القومية وإطلاق المبادرات الرئاسية للحفاظ على سلامة ونظافة البيئة، وجودة الهواء والذي يعود بالنفع على سلامة وصحة الإنسان.
وجاءت مبادرة التشجير التي أطلقتها الرئاسة المصرية، “١٠٠مليون شجرة ” تزامناً مع مؤتمر المناخ العالمي27 Cop لتحقيق عدة أهداف أهمها: مضاعفة نصيب الفرد من المساحات الخضراء على مستوي الجمهورية لتحسين جودة الهواء وخفض نسبة الاحتباس الحراري، مما يعني انها ستكون بمثابة “رئة خضراء” جديدة لمصر، ذلك فضلاً عن مساهمتها في تعظيم الاستفادة الاقتصادية من خلال زراعة انواع مختلفه من الأشجار ذات عائد اقتصادي مجزي.
ويعتبر مشروع زراعة الغابات الخشبية في مصر من المشاريع الواعدة التي تحقق التنمية المستدامة، من خلال: الحفاظ على البيئة، فضلاً عن إنتاج الأخشاب، مما يوفر على الدولة فاتورة الاستيراد من الخارج حيث أن مصر تستورد حوالي 90% من احتياجاتها من الأخشاب، ذلك بالإضافة الى انه يتم الزراعة بالإعتماد على مياه الصرف الصحي المعالج في الري والتي لا تصلح للزرعات الأخرى، كما تعمل الغابات الخشبية على تثبيت التربة ومنعها من الانجراف والتصحر وتستخدم كمصدات للرياح، ذلك إضافة الى مساهمتها في توفير فرص عمل للشباب سواء في مجال الزراعة أو في إنتاج الأخشاب.
“الباولونيا”.. شجرة الأميرة متعددة الفوائد!
وهناك العديد من الأشجار ذات العائد الاقتصادي المجزي، والتي يمكن من خلال التوسع في زراعتها، تحقيق أهداف التنمية المستدامة في هذا الشأن، وزيادة القيمة المضافة من الغابات الشجرية، بإدخالها في مجالات التصنيع المختلفة، ومن أمثلة هذه الأشجار شجرة “ الباولونيا “، والتي يطلق عليها شجرة الأميرة.
وشجرة الباولونيا هي شجرة معمرة من الفصيلة اليولفينيه، وموطنها الأصلي: الصين وفيتنام، تمتلك زهور بنفسجيه لها شكل جميل وغنية بالرحيق والزيوت العطرية، كما يصل ارتفاعها إلى حوالي 18 متراً وتعتبر من أسرع الأشجار الخشبية نمواً في العالم، كما يتميز خشب أشجار الباولونيا بالصلابه وخفة الوزن وجودته العالية.
ويعود تسمية شجرة الباولونيا بهذا الاسم، نسبة الى الأميرة ” انا باولونيا ” بنت قيصر روسيا بول الأول ويطلق عليها أيضا بالشجرة الملكية أو شجرة الامبراطورة.
ولشجرة الباولونيا، أهمية كبرى تتمثل في كونها: من الأشجار التي لها القدرة على امتصاص نسبة كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون والغازات الملوثة وتحويله إلى اكسجين، مما يجعل لها دوراً هاماً لحل مشكلة البيئة والتغير المناخي، كما تمتاز شجرة الباولونيا بقدرتها على التكيف مع جميع انواع التربه المختلفة والفقيرة والأراضي التي لا تصلح للزراعة، وتعمل على تحسين خواص التربة ومنعها من الانجراف والأوراق المتساقطه تعمل على تسميد التربه وزيادة خصوبتها، مما يؤكد على أهمية دورها في إصلاح التربه وزيادة خصوبتها.
وللباولونيا أيضاً استخدمات طبية وعلاجية هامة، حيث اعتمد الطب الشعبي الصيني على أوراق وأزهار ولحاء شجرة الباولونيا لعلاج العديد من الأمراض منها تقروح الجلد والتهاب الشعب الهوائية والتهاب المعدة والأمعاء والتهاب المفاصل وتساعد على التأم الجروح وعلى تحفيز نمو الشعر وتأخر أعراض الشيخوخة.
وفيما يتعلق بفوائدها الاقتصادية، يأتي على رأسها: إنتاج الأخشاب، فيتميز خشب هذه الشجرة الملكية بشدة صلابته وخفة وزنه وتحمله للرطوبة والضغط ومقاومته للاشتعال والسوس والنمل الأبيض، ذلك بالإضافة الى سهولة تشكيله وتصنيعه مما يجعله يدخل في الكثير من الصناعات الخشبيه مثل: تصنيع القوارب والاثاث والارضيات الخشبية، فضلاً عن الآلات الموسيقية وصناديق الهدايا.
ولتعظيم العائد الاقتصادي لهذه الشجرة أيضاً، يمكن الإعتماد على أوراقها، في صناعة الأعلاف لاحتوائها على نسبة كبيرة من البروتين غير أن الأوراق المتساقطة منها تعمل على تسميد التربة.
كما تتميز أزهار الباولونيا برحيق ذات رائحة جذابة يمكن الإعتماد عليه لإنتاج عسل النحل أثناء فترة التزهير من بداية شهر فبراير وحتى منتصف أبريل.