في السادس من اكتوبر عام ١٩٧٣، سطرت قواتنا المسلحة، ملحمة تاريخية، استطاعت من خلالها ان تجعل هذا اليوم، هو الأعظم والأهم في تاريخ انتصارات العسكرية المصرية والمصريين جميعاً.
وهو اليوم ذاته، الذي يفخر به كل مصري، بإعتباره علامة فارقة في تاريخ هذا الوطن، امتزجت فيها لحظات الفخر والانتصار، لتصبح قصة ترويها الأجيال، حتى يومنا هذا، بكل اعتزاز، حول ارادة شعب وبسالة جيش.
جاء البيان السابع للقوات المسلحة المصرية، عبر الاذاعة المصرية، قبل 50 عاماً، ليستمع اليه المصريين جميعاً، ويثلج صدورهم فهو البيان الذي طال انتظاره لسنوات عدة، حيث تم استقباله بفرحة عارمة، وحالة من الصعب وصفها لصدقها الخالص، لتري بعينيك دموع الفرحة في عيون المصريين، وتسمع باذنيك تكبير الرجال وزغاريد النساء، وتبادل التهاني، والأحضان، والسجود شكراً لله على النصر العظيم، في كافة أرجاء مصر، فكانت كلمات فارقة في تاريخ هذا الوطن، الجميع يخلدها، ويحتفي بها، وكان نصه: هنا القاهرة.. جائنا الآن البيان التالي من القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية: “بسم الله الرحمن الرحيم، نجحت قواتنا المسلحة في عبور قناة السويس على طول المواجهة وتم الاستيلاء على منطقة الشاطئ الشرقي للقناة وتواصل قواتنا حاليًا قتالها مع العدو بنجاح، كما قامت قواتنا البحرية بحماية الجانب الأيسر لقواتنا على ساحل البحر الأبيض المتوسط وقد قامت بضرب الأهداف الهامة للعدو على الساحل الشمالي لسيناء وإصابتها إصابات مباشرة”.
في حقيقة الأمر، أن ما جرى لم يكن مجرد انتصار أو عبور، للجيش المصري فقط، لكنه كان عبور لكل مصري على أرض هذا الوطن، عبور كلل قصة كفاح طويلة وشاقة، بعد هزيمة كانت هي الأمر والأكثر ألماً، فكان عبوراً من الألم الى الأمل، ليتذوق المصريين حلاوة النصر، وعبور الأبطال من اليأس الى الرجاء، حاملين مشاعل النور يضيئوا بها الطرق والدروب الأكثر ظلمة.
في هذا اليوم، لم يرفع الجندي المصري فقط العلم فوق أرض سيناء الطيبة، بل رفع المصري هامته عالياً معتزاً بكرامته وجيشه بكل فخر، حيث انتصرت إرادة المصريين، ونالت العسكرية المصرية احترام وتقدير العالم، بكل شموخ وبطولة وكبرياء، فلم تكن حرب اكتوبر مجرد معركة تحرير للأرض فقط، وإنما كانت ملحمة وطنية متكاملة لكافة المبادئ والقيم والوطنية والانتماء والاخلاص والارادة، والتحدي والتسلح بالايمان والثقة في النصر، وكسر شوكة العدو، والقضاء على غطرسته.
الاحتفال هذا العالم، بتلك الذكرى وهذه الملحة، ليس احتفالاً عادياً، فهو احتفال باليوبيل الذهبي للانتصار.. نعم هناك خمسون عاماً قد مرت على هذا النصر العظيم، خمسون عاماً مرت على أعظم أيام التاريخ، وأمجد الحروب، والتي غيرت مفاهيم وخطط واستراتيجيات الحروب والعلوم العسكرية، في العالم، فكانت جديرة بالرواية والتدريس.
ولعنا في ذلك اليوم، نستلهم معاً دروس اكتوبر العظيم، والعظة منها، في تلاحم الشعب وتماسك روابطه، ووقوفهم جميعاً على قلب رجل واحد، ووحدتهم، والشعور بالانتماء والولاء لهذه الأرض الطيبة، فبلا شك كان ذلك الأمر، هو البطل الحقيقي الذي وقف خلف هذا الانتصار العظيم.
وفي الذكرى الخمسين لأكتوبر المجيدة، نهنئ جميعاً أنفسنا، والشعب المصري العظيم بهذه المناسبة، وكل التحية والتقدير لقواتنا المسلحة الباسلة والمخلصة، وقاداتها، وجنودها، وشهدائها الأبرار، والذين ضحوا بأرواحهم، وسطروا بدمائهم ملحمة بقيت خالدة في تاريخ هذا الوطن.
كل التحية والتقدير أيضاً في هذا المناسبة الى قائد العبور العظيم، الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بطل القراراين “الحرب والسلام”، والذي كان دائم الاعتزاز بأنه الفلاح المصري، ابن قرية ميت ابوالكوم، بمحافظة المنوفية..والسلام بداية.. وليس ختام
الرابط المختصر: https://avic-malr.com/?p=13633