تعتز مصر دائماً بإنتمائها إلى القارة السمراء، وكونها جزءاً أصيلاً منها، فمثلما تسكن افريقيا في قلب مصر، انتهجت مصر أيضاً نهجاً، استطاعت من خلاله أن تكون هي القلب النابض للقارة، لاسيما مع إرتباط الأمر بالهوية والتراث والتاريخ وليس فقط بالإعتماد على ما فرضه الإمتداد الجغرافي والبعد الاستراتيجي.
انتماء مصر للقارة الافريقية، جعلها تحرص على ان تضع في أجندتها وعلى رأس أولوياتها بذل المزيد من الجهد، للمساهمة بشكل فعال في تحقيق التنمية لدول القارة وشعوبها، في كافة المجالات بما يضمن لها الرخاء، والخير والنماء والذي من شأنه ان يعم، ويجني ثماره الجميع من ابناء القارة.
وفي حقيقة الأمر، ورغم ان الاهتمام المصري بالقارة وشعوبها، لم يكن أمراً جديداً على مصر، وقيادتها السياسية، الا ان السنوات الاخيرة، وفي عهد الرئيس السيسي، شهدت مصر تطورا ملحوظا في العلاقات، مع دول افريقيا، والدعم المتبادل، بعد فترة اتسمت بالفتور والسكون.
تعددت مجالات التعاون المشترك بين مصر من جانب وعدد كبير من دول افريقيا من جانب آخر، شملت تلك المجالات القطاعات الاقتصادية والدبلوماسية والسياسية والامنية والثقافية والاجتماعية، والانسانية والشعبية أيضاً، وهي أمور استطاعت مصر من خلالها تأصيل جذورها وتعظيم وترسيخ دورها التاريخي الرائد لها في افريقيا.
بلا شك ان مصر استطاعت أن تحقق التوازن بين القدرات والمصالح المصرية والطموحات الافريقية، ودفع مسيرة العمل المشترك، لتصبح مصر مؤخراً هي لسان افريقيا، في كافة المحافل والقمم، تتحدث عن قضاياها، والتحديات التي تواجهها، والأمور التي قد تحول دون تحقيق الأمن والتنمية، وهي قضايا جميعها ما كانت تحظى باصداء قبل عودة مصر الى احضان افريقيا
فالمتابع لسياسة مصر الخارجية، وخطوات الدبلوماسية المصرية الحكيمة، لن يخفى عليه كيف اصبحت مصر هي العمود الفقري لافريقيا، خاصة خلال الفترة التي ترأست فيها مصر الاتحاد الافريقي، وكيف سعي الرئيس السيسي لتحقيق المزيد من التضامن الأفريقي للوصول الى اهداف مشتركة، وكيف أحيت مصر العديد من القضايا الافريقية وضعت خلالها العالم أمام مسئولياته تجاه القارة السمراء.
تتعدد النماذج الناجحة التي حققت مصر من خلالها تعاون مثمر مع الدول الافريقية المختلفة، وربما يتجلى من بين تلك النماذج والمجالات، القطاع الزراعي، والذي قطعت من خلاله وزارة الزراعة المصرية شوطاً كبيراً لتكثيف التعاون المشترك مع دول القارة السمراء، تمثل هذا التعاون في تسخير كافة الامكانيات والخبرات التي تمتلكها مصر من خلال مراكزها البحثية الزراعية، للنهوض بالقارة السمراء وتنميتها ودفع مسيرة العمل الافريقي المشترك، والمساهمة في تعمير القارة السمراء، وتحقيق الأمن الغذائي، والقضاء على الجوع والفقر.
لم يتوقف الأمر فقط فيما يتعلق بالتعاون الزراعي، على ما تقدمه مصر من فرص تدريبية عظيمة ورائدة من خلال وزارة الزراعة للمبعوثين الافارقة، والذين بدورهم ينقلون ما تعلموه في مصر الى دولهم، في سبيل تنميتها والنهوض بمواردها، لكن الأمر أيضا امتد الى مزارع مصرية نموذجية بالدول الافريقية تدار بعقول وخبرات ومستلزمات وبذور وتقاوي مصرية، اثبتت جدواها من حيث الانتاجية وجودة المحاصيل المنزرعة، حيث بلغ عدد تلك المزارع حاليا حوالي ٩ مزارع في ٨ دول افريقية، للانتاج الزرالعي المتنوع: النباتي، الحيواني، السمكي، مما يؤكد قدرة مصر وتوجهها لإعلاء مفهوم الشراكة والمصالح المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة لدول القارة السمراء ككل.
خلاصة القول.. أن مصر استطاعت خلال سنوات قليلة استعادة ريادتها في افريقيا، من خلال دبلوماسيتها العريقة وخبراتها الواسعة، التي لم تبخل بها للمضي نحو تكامل يعزز من انتمائها وامتدادها الافريقي.. تحية لمصر الرائدة القلب النابض للقارة.. والسلام بداية وليس ختام!
الرابط المختصر: https://avic-malr.com/?p=13627