بقلم: د/ محمد غريب العشري (*)
تعد التغيرات المناخية التي طرأت على منتجي الحاصلات الزراعية في الفترة الأخيرة هي الشغل الشاغل لكونها تؤثر على العمليات الحيوية للنبات، وأكثر ما يتأثر بهذه التغيرات المناخية هي محاصيل الخضر حيث هي نباتات شُجيرية عشبية مفترشة (غير متخشبة).
والحقيقة أن التغيرات المناخية التي يتعرض لها النبات هي جزء من كل بمعنى أن النبات يقابله أنواع عدة من الضغوط منها ما هو حيوي، مثل الإصابة بالأمراض والآفات الحشرية ومنها ما هو غير حيوي، مثل الجفاف والملوحة ودرجات الحرارة العالية والمنخفضة وغيرها من العوامل البيئية.
وتختلف إستجابة النباتات لهذه الضغوط، بأن تفرز مركبات دفاعية ثانوية لكي تتغلب على هذه الظروف جزئياً دون أن يكون هناك ضرر بالغ الأثر على المحصول.
والحقيقة أن النباتات في المراحل الأولى من حياتها (مرحلة الإنبات) تكون سريعة الإستجابة لتكوين تلك المواد الدفاعية وهو ما يطلق عليه المقاومة المستحثة، وتتم عن طريق إستحثاث بعض الجينات الساكنة، لإعطاء الأوامر للنبات بالتعامل مع هذا الظرف الطارئ، والتغلب عليه وحفظ هذا الأمر لحين الاحتياج اليه.
وتقسم المراحل التي يمكن أن تعامل بها النباتات لكي تتغلب على الظروف غير المواتية إلى ثلاث مراحل:
- مرحلة الإنبات والشتلات:
- يمكن نقع البذور في بعض المواد الكيميائية بتركيزات منخفضة من البولي إثيلين جيليكول قوة ٤٠٠ او ٦٠٠ لفترات قصيرة لحث النبات على تصنيع البرولين داخلياً وهو حامض أميني مسؤول عن حماية النبات من نوبات العطش أو الجفاف وكذلك إرتفاع درجات الحرارة.
- يمكن نقع البذور أثناء الإنبات في تركيزات منخفضة من حامض الأبسيسيك وهو ما يطلق عليه هرمون إستجابات الإجهاد البيئي لذلك فإن إستيعاب طريقة حامض الأبسيسيك أسيد لبعث إشارته تعد نقطة هامة للتحكم في رد فعل النبات تجاه عوامل معينة مثل درجة الحرارة، وتوفر المياه، و درجة الملوحة.
- يمكن نقع البذور أثناء مرحلة الإنبات في تركيزات منخفضة من محلول البرولين للحث على تحمل الملوحة وكذلك يمكن رشه على الشتلات.
- تقسية شتلات الخضر المنتجة بالمشتل لتحمل الظروف المناخية الصعبة وكذلك ظروف التربة غير المثالية.
- يمكن أيضاً التغلب على الظروف غير المواتية من حرارة عالية أو جفاف أو نيماتودا بأن يتم تطعيم شتلات الخضر على أصول وراثية مقاومة لهذه الظروف مع الإهتمام بإجراء عملية التصويم للشتلة في بداية حياتها، وإستخدام منشطات جذور وطارد ملوحة في بداية عمر النبات.
- مرحلة معاملة التربة قبل الزراعة:
- يمكن معاملة التربة ببعض المركبات التي من شأنها تقليل الضغوط على النبات سواء في بداية حياته أو أثناء بلوغه فمن المركبات المستحب إضافتها للتربة شاي الكمبوست أو شاي الفيرميكبوست أو خل الخشب أو معاملة التربة ببعض الكائنات الحية الدقيقة النافعة للتربة والنبات على حد سواء وهو ما يطلق عليه المخصبات الحيوية وهي عبارة عن بكتريا تكافلية مثل الأزتوباكتر و الأزوسبيرليم و الباسلس سبلس و فطر الميكرويزا وغيرها و كذلك خلق مجتمع حيوي ديناميكي مستدام يمكنه التغلب على أغلب آفات التربة.
- يمكن أيضاً معاملة التربة بمنقوع الهيوميك أسيد و الفولفيك أسيد قبل أو أثناء نمو النبات مع الإهتمام بالكشف الدوري على شبكة الصرف لمنع تراكم الأملاح بالتربة.
- مرحلة النمو الخضري:
- لابد أن يعامل النبات ببعض المركبات التي من شأنها رفع مناعة النبات مثل الرش الدوري بالساليسليك أسيد، والمحافظة على مستوى الكالسيوم بالنبات لأنه يعد هو الناقل لجميع إشارات النبات عند التعرض لأي ظرف غير مناسب.
- لابد من الرش الدوري بسليكات البوتاسيوم و العناصر الصغرى والأحماض الأمينية النباتية، وكذلك الرش بمحلول البيك، بالتبادل أثناء العقد وكذلك رشات من الكالسيوم بورون و محلول الخميرة.
- يجب متابعة بيانات الطقس أول بأول من خلال المتخصصين بالمعمل المركزي للمناخ الزراعي وعمل التدابير اللازمة.
(*) قسم بحوث الزراعات المحمية – معهد بحوث البساتين