بمناسبة الاحتفال بعيد الفلاح، اهتمت السينما المصرية، من خلال عدد من الأعمال والأفلام، التي تم انتاجها، لنقل تجربة وواقع الفلاح المصري، وحياته في الريف، سواء تمثلت هذه التجارب في تجسيد قصص من نضاله وكفاحه، أو دوره الهام في الأحداث التي تمر بها البلاد.
وفي حقيقة الأمر، ان هذه الأعمال التي سلطت فيها السينما الضوء على الفلاح، ليست بالقليلة، فبعضها شغل فيها الفلاح الدور الرئيسي والمحوري، والبعض الآخر، مر من خلال ها الفلاح، مرور الكرام، كمشهد فرعي في العمل، ليصور الحياه في الريف، ونرصد من خلال التقرير التالي، أبرز 3 أفلام ضمن عدد كبير وعظيم من الأعمال التي كان الفلاح والريف هو محورها وبطلها الأوحد.
“الأرض”.. معاناة الفلاح مع الإقطاع
في عام 1970، قدم المخرج العالمي يوسف شاهين، رواية الكاتب الكبير عبد الرحمن الشرقاوي، “الأرض” كفيلم سينمائي، يعد من أهم أفلام السينما المصرية، حيث تم تصنيفه خلال الاحتفال بمئوية السينما المصرية، في المركز الثاني ضمن أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.
ويعد فيلم “الأرض” من أوائل الأعمال، التي تخطر ببالك كمشاهد عندما تحدث عن الفلاح في السينما، والذي أصبح علامة بارزة في تاريخ كل من شاركوا فيه، على رأسهم: محمود المليجي، يحيى شاهين، عزت العلايلي، نجوى إبراهيم، حمدي أحمد، عبدالوارث عسر.
تأتي أحداث هذا الفيلم، في إحدى القرى المصرية عام 1933، حيث يفاجأ أهالي القرية، بقرار حكومي بتقليل نوبة الري إلى 5 أيام بدلا من 10 أيام، فيبلغ العمدة الفلاحين أن نوبة الرى أصبحت مناصفة مع أراضي محمود بك الإقطاعى، فيجتمع رجال القرية للتشاور ويتفقوا على تقديم عريضة للحكومة من خلال محمد أفندي ومحمود بك، لكنه يستغل الموقف وتوقيعاتهم لينشأ طريق لسرايته من خلال أرضهم الزراعية، ولكن يثور الفلاحين -وعلى رأسهم محمد أبو سويلم- دفاعا عن أرضهم ويلقون الحديد في المياه، فترسل الحكومة قوات الهجانة لتسيطر على القرية بإعلان حظر التجوال، ويتم انتزاع الأراضي منهم بالقوة، ويتصدى محمد أبو سويلم لقوات الأمن ويتم سحله على الأرض وهو يحاول التشبث بالجذور.
وكتبت الشاعرة نبيلة قنديل كلمات “الأرض لو عطشانة نرويها بدمانا”، على ألحان الفنان الكبير علي إسماعيل.
“شيء من الخوف”.. الاتاوات تهدد حياة الفلاح
“شيء من الخوف”، تم انتاجه عام 1969، من إخراج حسين كمال وإنتاج صلاح ذو الفقار، عن قصة الكاتب الكبير ثروت أباظة، والتي أدخل على السيناريو الخاص بها، عبد الرحمن الأبنودي عدداً من الإسقاطات السياسية.
ورغم ظهور الأفلام الملومة وقت انتاج الفيلم، الا انه تم تصويره بالأبيض والأسود، حيث استطاع المخرج حسين كمال، استغلال ظلال الأبيض والأسود ببراعة، وهو الأمر الذي كان يرى عدم امكانيته في حال تصويره بالألوان.
الفيلم من بطولة شادية ومحمود موسي، يحيى شاهين، صلاح نظمي، ومحمد توفيق، ورُشح الفيلم لجائزة مهرجان موسكو السينمائي، وجاء أيضاً ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.
تدور قصة هذا الفيلم في إحدى القرى المصرية، حيث كان الفلاح يكد ويتعب طوال العام في زراعة أرضه، ويأتي لبيع محصوله، ليكفي احتياجاته، حتى موعد الحصاد الجديد، إلا أنه عتريس ورجاله لا يتركون الفلاح في حاله، ويتم التنكيل بهم في حال عدم دفع الاتاوات، فيحرقون الأراضي، ويقومون بتبويرها.
ويعتبر مشهد الفنانة شادية “فؤادة” الذي تفتح فيه “الهاويس” لتروي الأرض التي جفت، بعدما أطلق عتريس أوامره بمنع وصول المياه لأراضي الفلاحين، إمعانًا في إذلالهم، من أجمل مشاهد الفيلم.
“الزوجة الثانية”.. الفلاح مغلوب على أمره
يسلط فيلم “الزوجة الثانية”، في إطار درامي، الضوء على الاستبداد الواقع على الفلاحين البسطاء في القرية من قِبَل العمدة الثري المستبد، الذي يقرر الزواج من خادمة منزله بالرغم من أنها متزوجة، ولكن العمدة لا يفكر في شيء إلا في إنجاب الولد الذي سيورثه العمودية، بعدما فشلت زوجته في ذلك.
يستغل العمدة نفوذه بكل جبروت، ويقوم بتطليق الخادمة من زوجها، بمساعدة شيخ القرية، الذي يحلل ويحرم وفقا لأهواء العمدة، فلا تجد الخادمة أمامها مفرا، وتصبح زوجة العمدة رغما عن أنفها هي وزوجها؛ فتقرر استخدام حيلها الماكرة من أجل الخلاص من تلك الزيجة.
ووفقاً لما جسده الفيلم، فالعمده مثال صارخ للظلم والتجبر والطغيان، فهو في الاساس، قد نمت ثروته وزادت الارض التى ورثها عن والده، والتي كانت تبلغ ٢٠ فدان ليصبحوا ٣٠٠ فدان بالنصب واستغلال احتياج الفلاحين، وجهلهم بالقراءة والكتابة، وأخذ بصمتهم على عقود وكمبيالات مزورة، ولم يتورع عن أكل السحت والحرام، مستغلا نفوذه ونفاق غفراءه.
تم عرض الفيلم، عام 1967، وهو من إخراج صلاح أبو سيف وبطولة سعاد حسني وشكري سرحان، سناء جميل، صلاح منصور، وسهير المرشدي، وعبدالمنعم إبراهيم