تربية الإبل، أو ما يُعرف بـ “الجمال”، هي أحد أقدم المهن التي عرفها الإنسان، وارتبطت ارتباطًا وثيقًا بحياة البدو الرحل في الصحاري والقارات.
لطالما كانت الإبل رمزًا للصبر والقوة والقدرة على التحمل في البيئات القاسية، وقد لعبت دورًا حاسمًا في تاريخ الحضارات البشرية.
تتناول الدكتورة فاطمة رمضان عبد العزيز – الباحثة بقسم بحوث الإبل بمركز البحوث الزراعية – خلال لقائها في برنامج «المرشد الزراعي» المذاع على شاشة قناة “مصر الزراعية”، موضوع تربية الإبل وسبل النهوض بها وزيادة إنتاجيتها والعوائد الاقتصادية المرجوة منها.
فوائد مشاريع تربية الإبل الاقتصادية
وأشارت الدكتورة فاطمة إلى أن مشروعات تربية الإبل تتميز بقدرتها العالية على تحمل التقلبات الجوية الحادة والتغيرات المناخية المتلاحقة، بما في ذلك الارتفاع والانخفاض الشديد في درجات الحرارة. كما تلعب دورًا ملموسًا في سد الفجوة الغذائية الناجمة عن الزيادة السكانية المتسارعة.
أهم أصناف الإبل المتوفرة في السوق المصري
وأوضحت أن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي تؤكد اهتمامها الكبير بإدراج مشاريع تربية الإبل ضمن منظومة الثروة الحيوانية، لما لها من مزايا متميزة، فضلاً عن انخفاض تكاليف إنتاجها مقارنة بالحيوانات التقليدية الأخرى كالجاموس والأبقار.
تزايد الاهتمام بمشروعات تربية الإبل خلال السنوات الست الأخيرة بعد فترة من الإهمال، وظهور أنواع متعددة سيطرت على السوق المصرية في الفترة الأخيرة.
تنوعت أنواع الجمال المستخدمة في الأعمال الزراعية، وأبرزها «الفلاحي والصومالي والسوداني والمغربي»، والتي تتميز بقدرات جسمانية عالية تمكنها من رفع حمولات تصل إلى ١٠٠٠ كجم والسير بسرعة تصل إلى ٦٠ كم في الساعة، مما جعلها خيارًا مثاليًا للمزارعين.
مقومات نجاح مشاريع تربية الإبل
تحدثت الدكتورة فاطمة رمضان عبد العزيز عن أساسيات نجاح مشروعات تربية الإبل، مؤكدةً أنها تتطلب خبرات خاصة وإعدادًا شاملاً للمربي الراغب في خوض هذه التجربة المربحة اقتصاديًا.
البرامج التدريبية
يقوم قسم بحوث الإبل التابع لمعهد الإنتاج الحيواني بإعداد وتأهيل الراغبين في إنشاء مشاريع تربية الإبل من خلال دورات تدريبية متخصصة تعرفهم على التوصيات والقواعد اللازمة لتحقيق أفضل النتائج الاقتصادية.
وتؤكد على أهمية المحطات المتخصصة التابعة لمعهد بحوث الإنتاج الحيواني في توفير التدريب والتأهيل اللازم للمبتدئين، سواء في مقر المعهد بالقاهرة أو من خلال مركز دراسات تنمية الإبل بمحطة مطروح.
تحديد الغرض من المشروع وعدد الوحدات
ونصحت الدكتورة فاطمة المربين المبتدئين بالبدء بمرحلة التسمين داخل الحظائر، حيث يكتفى بـ١٠ ذكور، لإتاحة الوقت الكافي للتعرف على أساسيات المشروع واكتساب الخبرات اللازمة، والتي ستؤهلهم لانتقال إلى مرحلة «التربية».
مساحات المأوى وأماكن توزيع مناطق الشرب والتغذية
تؤكد الباحثة بقسم بحوث الإبل على أهم الشروط الواجب توافرها عند إنشاء مزارع تربية الإبل، أبرزها الالتزام بالمساحات الموصى بها والتي لا تقل عن فدان لكل عشرة رؤوس، مشيرةً إلى أن الحيوان الواحد يحتاج إلى ٢٠ مترًا مربعًا.
تتطلب طبيعة الإبل التي تميل إلى المشي والحركة طوال الوقت، توزيع مساقي المياه ومزاود الطعام على أطراف الحظيرة وبالقرب من أسوارها لملائمة سلوكها، بخلاف حيوانات المزرعة التقليدية.
الحماية البيطرية
أوصت «عبد العزيز» بتوفير جميع التطعيمات واللقاحات البيطرية الضرورية لحماية القطيع من مخاطر الإصابة بالأمراض، باعتبارها أحد أركان نجاح المشروع، والتي يتم الاعتماد عليها لتقليل المخاطر المتوقعة مستقبلاً.
اختيار السلالة المناسبة
تُوصي الباحثة باختيار سلالة الإبل المغربية عند بدء مشاريع التسمين، نظرًا للمزايا الاقتصادية التي تتميز بها، كارتفاع نسبة تصافي اللحم ومعدلات التحويل، مقارنة بالأنواع الأخرى وخاصة السوداني.
مشروع «قطيع النواة» لحماية السلالة الفلاحية
دعت الباحثة بقسم بحوث الإبل جموع المزارعين المالكين لرؤوس الإبل الفلاحي للتواصل مع القسم، للحفاظ على نقاء السلالات المصرية، والعمل على تطبيق برامج إكثارها ونشرها مرة أخرى بالسوق المحلي، مشيرة إلى وجود العديد من السبل والتقنيات التي يتم اتباعها داخل القسم لتحسين خصائص اللحم، من خلال بعض التركيبات العلفية الجديدة.
تكشف الباحثة عن برنامج «قطيع النواة» الذي يهدف إلى الحفاظ على نقاء السلالات المصرية من الإبل واستغلال مزاياها وقدرتها الكبيرة على تحمل الظروف والأجواء المناخية والبيئية المصرية.