اسشتهد بين جنوده على الجبهة.. ومصر تخلد ذكراه في 9 مارس من كل عام
في التاسع من مارس عام 1969، قرر رئيس أركان القوات المسلحة المصرية، تفقد جنوده على الجبهة، ومعارك حرب الاستنزاف التي خاضتها مصر لإستعادة وتحرير الأرض، من العدو الاسرائيلي المحتل، وعمليات تدمير خط بارليف، وتحديداً في الموقع رقم 6، والتي تُعرف حالياً بمنطقة نمرة 6 بمحافظة الاسماعيلية.
وتعد تلك المعارك هي الأشد والأعنف التي خاضها الجيش المصري، قبل حرب أكتوبر عام 1973، وكان ذلك الموقع رقم 6 تحديداً، هو أول موقع على طول الجبهة يفتح نيرانه بتركيز شديد على العدو الاسرائيلي، قبل زيارة رئيس الأركان له بيوم واحد، حيث بدء الأعداء العديد من الخسائر في ساعات قليلة، وتدمير جزء هام من خط بارليف.
وأثناء تفقد الجنرال الذهبي للقوات المسلحة – هكذا كان يُطلق عليه- وعلى مسافة لا تتجاوز 250 متراً، انهالت نيران العدو فجأة، لتدور معركة كبرى، استشهد على أثرها رئيس أركان الجيش المصري وهو الفريق عبدالمنعم رياض ، بعد ساعة ونصف من الاشتباك، والذي قاده بنفسه.
ربما لا يعرف الكثير من الأجيال الجديدة، معلومات عن الفريق أول عبدالمنعم رياض، سوى أنه ذلك الذي يطلق اسمه على أحد ميدايين وسط البلد، وتمثاله الشهير به، أو ذلك الشارع الذي يحمل اسمه أيضاً بحي المهندسين، أو ربما عدد من المدارس والشوارع في المحافظات المختلفة، والتي تحمل اسمه أيضاً، تكريماً وتخليداً لذكراه، بعد استشهاده في ذلك اليوم الذي أطلق عليه فيما بعد “يوم الشهيد”، تكريماً له أيضاً.
يعد الفريق أول عبدالمنعم رياض، واحد من أشهر العسكريين العرب خلال النصف الثانى من القرن العشرين، شارك في الحرب العالمية الثانية وحرب فلسطين وحرب 1956 وحرب الاستنزاف وكان أحد الأعمدة الرئيسية التي اعتمد عليها الرئيس جمال عبدالناصر في إعادة بناء وتنظيم القوات المسلحة المصرية.
قاده اصراره على الالتحاق بالكلية الحربية، بعد عامين من دراسة الطب والتي التحق بكليتها نزولاً على رغبة والديه، بالرغم من أن والده كان أحد قادة الجيش المصري في ذلك الوقت، وهو القائم مقام (عقيد) محمد رياض عبدالله قائد بلوكات الطلبة بالكلية الحربية، وتخرج على يديه الكثيرين من قادة المؤسسة العسكرية.
ولد الفريق عبد المنعم رياض عبدالله في إحدى قرى طنطا بمحافظة الغربية، لأسرة تعود أصولها لمحافظة الفيوم، فكان جده من أعيان المحافظة، كما تلقى تعليمه الأول في كتاب القرية وتدرج في التعليم حتى حصوله على الثانوية العامة من مدرسة الخديوي إسماعيل.
كانت حياة عبدالمعم رياض العسكرية حافلة بالبطولات والانجازات العظيمة، حيث تخرج من الكلية الحربية عام 1938، والتحق بسلاح المدفعية، وتحديداً بإحدى البطاريات المضادة للطائرات بالإسكندرية والسلوم والصحراء الغربية خلال عامي 1941 و1942 حيث اشترك في الحرب العالمية الثانية ضد القوات الإيطالية والألمانية وخلال عامي 1947 و1948 عمل في إدارة العمليات والخطط في القاهرة ونسق بينها وبين قيادة الميدان في فلسطين.
تولى عبدالمنعم رياض قيادة مدرسة المدفعية المضادة للطائرات ثم قائدا للواء الأول المضاد للطائرات في الإسكندرية عام 1953 ثم تولى قيادة الدفاع المضاد للطائرات في سلاح المدفعية إلى أن سافر في بعثة تعليمية إلى الاتحاد السوفيتى عام 1958 وأتمها في عام 1959 بتقدير امتياز وحصل على لقب (الجنرال الذهبى) وبعد عودته تولى رئاسة أركان سلاح المدفعية عام 1960 وفي عام 1964 عين رئيسا لأركان القيادة العربية الموحدة ورقي في عام 1966 إلى رتبة فريق.
في 11 يونيو 1967 أُختير رئيساً لأركان حرب القوات المسلحة المصرية وكان آخر ما أسند إليه إدارة معارك المدفعية ضد القوات الإسرائيلية في الضفة الشرقية لقناة السويس، حتى استشهد بعدها بأقل من عامين، وسط جنوده وأبناءه، عندما أصر على زيارة الجبهة رغم خطورة ذلك ليرى سير المعارك، في 9 مارس عام 1969، “يوم الشهيد”.
وتخلد مصر ذلك اليوم – يوم الشهيد- كل عام، للاحتفال بذكرى شهدائها الأبطال، حيث اتخذت هذا اليوم رمزاً وتأكيداً على أن نيل الشهادة شرف يتوق له جميع قادة وضباط وصف وجنود القوات المسلحة، حيث تقام العروض والاحتفالات العسكرية، ويتم خلاله تكريم أسر الشهداء من أبطال قواتنا المسلحة المصرية.. رحم الله الأبطال.